سفر حضر، أو مرض حدث، أو يكون خصمه قد أسرع إليه واستطال عليه، فيحلف ألا يخاصمه فيكون له أن يوكل، أو يكون قد ظهر إليه من وكيله ميل مع خصمه ومسامحة في حقه، فيكون له أن يعزله ويولي غيره، أو يخاصم لنفسه. وهذا ما لا اختلاف فيه أعلمه، ومعنى قوله: وقاعده عند السلطان، يريد المرات الثلاث ونحوها أو يكون قد انتفى عليه فيما دونها. هذا معنى قوله الذي حمله عليه كل من ألف في الأحكام من المتأخرين، وبالله التوفيق.
[مسألة: تسمية القاضي للشهود العدول]
مسألة وسئل عن القاضي يكتب إلى القاضي في الحقوق والأنساب والمواريث وما أشبه ذلك، فيكتب أتاني فلان بشهود عدلوا عندي، وقبلت شهادتهم، ولا يسميهم في كتابه، أيجوز؟ قال: نعم يجوز، وهذا قضاء القضاة. أرأيت إن سماهم له ليعرفهم؟ أم يبتغي عدالة أخرى ويسأل عنهم؟ أم يستأنف فيهم حكما غير ما قد حكم فيه وفرغ منه؟ ليس ذلك كذلك. قال العتبي: قد قيل: إنه ينبغي له أن يسمي البينة في الحكم على الغائب ليجد سبيلا إلى دفع شهادتهم عنه، وهو عندي بيّن إن شاء الله.
قال محمد بن رشد: قوله، إنه ليس على القاضي إذا كتب إلى القاضي بما ثبت عنده من الحقوق والأنساب والمواريث أن يسمي له في كتابه الشهود الذين ثبت بهم ذلك عنده صحيح؛ إذ لا ينظر القاضي المكتوب إليه في عدالتهم، وإنما يمضي ما أخبره به في كتابه من ثبوت ذلك عنده فيقضي به على المحكوم عليه عنده، إلا أنه يجب عليه إذا خاطب بذلك أن ينفذه عند نفسه بتسمية الشهود، ويضع ذلك في ديوانه؛ لأن من حق المحكوم عليه إذا قضى عليه القاضي المكتوب إليه أن يذهب