مسألة وسئل مالك عن الحجام أيشارط على عمله؟ قال: لا بأس بذلك أن يشارط، فيقول: أحجمك بدرهم، أحجمك بنصف درهم.
قال محمد بن رشد: قوله: لا بأس بذلك، أي لا بأس بالأجرة المأخوذة في ذلك؛ لأن السؤال إنما وقع عن ذلك؛ لما جاء في كسب الحجام، فقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنه سحت وأنه خبيث، وأنه حرام» والمعنى فيه فيما روي عنه من ذلك أنه كسب دنيء ينبغي التنزه عنه في مكارم الأخلاق، بدليل ما ثبت من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احتجم وأعطى الحجام أجرة» ، ولو كان حراما لما أعطاه إياه.
وقد قيل: إن ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ذلك منسوخ بما روي عن محيصة بن مسعود الأنصاري، أحد بني حارثة أنه «استأذن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في إجارة الحجام فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: أعلفه نضاحك» يعنى رقيقك، والأول أظهر أنه إنما نهاه أولا عنها على سبيل التنزيه له عنها لدناءتها، لا لأنها حرام، فلما ألح عليه في الاستئذان أذن له في أن يطعمه رقيقه ونضاحه. وفي إذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يطعمه نضاحه ورقيقه، دليل بين على أنها ليست بحرام؛ لأن ما لا يحل للرجل أكله لا يحل له أن يطعمه رقيقه ولا نضاحه. فقول مالك: لا بأس به؛ معناه أنه لا إثم عليه، ولا حرج في أكله، وإن كان التنزه عنه أفضل؛ لحض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك، ولم يرد أنه لا بأس باستئجار الحجام على هذا الوجه؛ إذ لا وجه لاستئجاره على الحجامة سواه، وبالله التوفيق.
[مسألة: يستخيط الخياط الثوب يقول له إن أعطيتنيه بعد غد فلك فيه ثلاثة دراهم]
مسألة وسئل مالك عن الذي يستخيط الخياط الثوب، يقول له: إن