عن مالك في كتاب النكاح الثالث من المدونة في الذي يحج حجة الإسلام، ثم يرتد، ثم يراجع الإسلام أن الحج الذي حج قبل ارتداده لا يجزيه، وكذلك قال على قياس هذا: إن ما ضيع من الفرائض قبل ارتداده لا يلزمه قضاؤه، بدليل قوله عز وجل:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] . ومن قال بدليل الخطاب من هذه الآية، أن من ارتد ولم يمت على الكفر لم يحبط عمله، فسر به قوله عز وجل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] لمعارضته له في الظاهر، فقال: معناه لئن أشركت ووافيت على الكفر ليحبطن عملك، وهو قوله في هذه الرواية؛ لأنه استحب له إذا توضأ ثم ارتد ثم راجح الإسلام، أن يعيد الوضوء، ولم ير ذلك عليه، والقول الأول أظهر أن يحمل قوله عز وجل:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] على ظاهره، بأنه يحبط بنفس الكفر وإن راجع الإسلام، وما في الرواية الثانية من إن مات وهو كافر حبط عمله، وخلد في النار زيادة بيان على ما في الآية الأولى، وبالله التوفيق.
[مسألة: الذي يتوضأ وينسى غسل رجليه فيمر بنهر ويدخل فيه ويخوضه]
مسألة وسئل ابن القاسم عن الذي يتوضأ وينسى غسل رجليه، فيمر بنهر ويدخل فيه ويخوضه، هل يجزيه من غسل رجليه؟ قال: قال مالك: إذا دلك إحدى رجليه بالأخرى أجزاه. قال ابن القاسم: وإذا دلك إحدى رجليه بالأخرى، وكان يستطيع ذلك فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: ولا بد له من تجديد النية؛ لأنه لما نسي غسل رجليه وفارق وضوءه على أنه قد أكمله ارتفضت النية المتقدمة فيلزمه تجديدها، وكذلك قال في المدونة في الذي توضأ وأبقى رجليه، فخاض نهرا وغسلهما فيه: إن ذلك لا يجزيه إلا بنية؛ لأن معنى ذلك أنه أبقى رجليه ظنا منه أنه قد أكمل وضوءه. ولو أبقاهما قاصدا ليغسلهما في النهر لم يحتج في ذلك إلى تجديد النية وأجزاه غسلهما في النهر دون تجديد نية إن كان النهر