ولا من الدنانير التي أوصى له بها، ولا في مال إن كان له سواه؛ لأنه إذا أوصى بعتق ثلث عبده، وأن يعطى بقية ثلث ماله، فلم يملك بذلك شيئا من رقبته، وكذلك قال في رسم الصبرة من سماع يحيى: إذا أوصى بعتق ثلثه، وأن يعطى ثلث بقية ماله؛ أنه لا تعتق بقيته فيما أوصى له به من ثلث بقية ماله، وفي ذلك من قوله نظر؛ لأن ثلثي رقبته من بقية ماله، فإذا أوصى له بثلث بقية ماله، فقد أوصى له بثلث الثلثين الباقيين من رقبته، فوجب على قياس قوله: أن يعتق على نفسه ثلث الثلثين الباقيين من رقبته؛ لأنه قد ملكه ذلك؛ إذ أعطاه ثلث ما بقي من ماله، وإذا أعتق على نفسه شيئا منه؛ وجب أن يقوم عليه بقيته في ماله على قياس قوله، فلم يفرق على ما في رواية يحيى بين أن يوصى له بعتق ثلثه، وبثلث ما بقي من ماله، وبين أن يوصي له بعتق ثلثه، وببقية ثلث ماله، وهما يفترقان في وجه القياس والنظر على ما بيناه، وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى لهذا العبد بثلث ماله وأوصى بعتق عبد آخر]
مسألة قلت: فلو أوصى لهذا العبد بثلث ماله، وأوصى بعتق عبد آخر من المبدأ منهما في الثلث؟ قال: المعتق مبدأ في الثلث؛ لأن المعتق إنما يعتق عن الميت، والموصى له بالثلث، إنما يعتق عن نفسه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على مذهبه في أن ثلث العبد إنما يعتق على نفسه، ولذلك تقوم عليه بقيته في بقية الثلث، وفي مال إن كان له سواه. ويأتي على قياس قول ابن وهب الذي يرى أن ثلث العبد، إنما يعتق بوصية الميت لا على العبد، ولذلك لا تقوم عليه بقيته في بقية الثلث، إلا أن تبدأ الوصية بعتق العبد على عتق ثلثه، وأن يسهم بينهما في ذلك، وأما على بقية ثلثه فيبدأ على كل حال باتفاق؛ لأنها وصية لمال، وبالله التوفيق.