كان في أول الإسلام حين كان ذكر الله ممنوعا إلا على طهارة، ثم نسخ والله أعلم، وإن كان أبو هريرة راوي الحديث متأخر الإسلام، فالمعنى فيه أنه لم يسمعه من النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بعد إسلامه، وإنما أخذه عمن تقدم إسلامه من أصحابه.
[مسألة: المؤذن يقيم الصلاة فيرعف]
مسألة وسئل ابن القاسم عن المؤذن يقيم الصلاة فيرعف أو يدخل عليه ما يقطع وضوءه، أيقطع الإقامة أو يتمها؟ وكيف (به) إن خرج وقطعها؟ هل يستأنف القوم رجلا غيره يقيم لهم الصلاة يبتدئها من أولها، أو يقيم من حيث انتهت إقامة الأول؟ قال ابن القاسم: أرى أن يقطع الإقامة ولا يمضي فيها، ويستأنف رجل آخر بهم الإقامة؛ لأن مالكا قال: لا بأس أن يصلى بإقامة من لم يؤذن.
قال محمد بن رشد: قال فيمن رعف في الإقامة أنه يقطع، بخلاف الأذان؛ والفرق بينهما- مع أنه يؤذن على (غير) وضوء، ولا يقيم إلا على وضوء- أن الإقامة متصلة بالصلاة، فلو تمادى عليها، لترك الصلاة لغسل الدم، فكان تركه الإقامة لذلك أولى من تركه الصلاة له؛ والأذان بائن عن الصلاة، فهو يقدر أن يتمادى على أذانه، ثم يخرج لغسل الدم، ويرجع إلى الصلاة، وأما قوله: إنه يستأنف رجل آخر بهم الإقامة فصحيح؛ لأنه إذا لم يجز في الأذان أن يبني الثاني على ما مضى من أذان الأول، للعلة التي ذكرناها قبل هذا، فالإقامة أحرى ألا يجوز ذلك فيها؛ وأما الصلاة بإقامة من لم يؤذن، فقد تعارضت الآثار في ذلك، فروي عن عبد الله بن الحارث الصدائي أنه قال: «أتيت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما كان أوان الصبح، أمرني فأذنت، ثم قام إلى الصلاة، فجاء بلال ليقيم، فقال رسول الله- صلى الله