[مسألة: يحبس على ولده حبسا ويشهد لهم ويكتب لهم بذلك كتابا]
ومن كتاب أوله
أوصى أن ينفق على أمهات أولاده
قال عيسى وأصبغ: وسألناه: عن الرجل يحبس على ولده حبسا ويشهد لهم ويكتب لهم بذلك كتابا، ومثلهم يحوز لهم أبوهم ثم يتعدى فيرهنها فيموت وهي رهن كما هي، قال: يبطل الرهن ويثبت الحبس ولا رهن، وقاله أصبغ، وقال: رهنه بمنزلة بيعه إياها، كما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنه رهن الحبس بعد أن كان أبانه عن نفسه، وحازه لابنه بأن رحل عنه إن كانت دارا يسكنها، أو كانت خالية إن كان لا يسكنها فأشهد على تحبيسه إياها وحيازته، وأما لو كان حبسها وهو ساكن فيها ثم رهنها لنفسه قبل أن يرحل عنها فلم يعثر على ذلك حتى مات لبطل الحبس، وكذلك لو باعها بعد أن حبسها قبل أن يرحل عنها فلم يعثر على ذلك حتى مرض أو مات، ولو عثر على ذلك في حياته وصحته لفسخ البيع والرهن فيها وصح الحبس بالحيازة، ولو كانت صدقة من غير حبس فباعها قبل أن يرحل عنها لكان الثمن للابن وإن مات الأب في الدار؛ لأنه إنما مات فيها وهي للمشتري، لا لابنه إلا أن يكون باعها لنفسه نصا استرجاعا للصدقة فلم يعثر على ذلك حتى مات فإن الصدقة تبطل، ولو عثر على ذلك في حياته وصحته لفسخ البيع فيها وردت الدار لولده ولو باعها بعد أن رحل عنها وحازها لابنه لجاز البيع على الابن، وكان له الثمن في مال أبيه، حيا كان الولد أو ميتا، وإن لم ينص على أنه باع لابنه إلا أن يبيع نصا استرجاعا لصدقته فبيعه مردود إلى الولد، حيا كان الولد أو ميتا؛ لأنها قد كانت صدقة ببينونته عنها إلى أن باعها والثمن للمشتري في مال الأب، وجده أو لم يجده لا شيء على الولد منه، قاله ابن حبيب في الواضحة، وبالله التوفيق.