الثلاث، فيلزم على قياس هذا القول، أن لا يجوز لمن قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي إن وطئتك أن يطأها حتى يكفر كفارة الظهار؛ لأنه يحنث بأول الملاقاة، ويجب عليه الظهار، فيكون باقي وطئه في امرأة قد ظاهر منها قبل الكفارة، وذلك ما لا يجوز؛ لقوله عز وجل:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣] ، وقد قيل في مسألة الحالف بالطلاق ثلاثا لا يطأ قولان آخران سوى هذا من القولين، وليس هذا موضع ذكرهما، وبالله التوفيق لا شريك له.
[العبد يعتق سيده نصفه في ظهاره ثم يعتق بعد ذلك النصف الآخر في ذلك الظهار]
ومن كتاب أوله باع شاة وسألته عن العبد يعتق سيده نصفه في ظهاره، ثم يعتق بعد ذلك النصف الآخر في ذلك الظهار، قال: يجزيه إن شاء الله.
قلت: فإن لم يعتق حتى رفع إلى السلطان، أترى على السلطان أن يأمر بعتقه في ظهاره؟ قال: يجبره، فإن أعتقه أجزاه، وإلا أعتقه عليه السلطان.
قال محمد بن رشد: قوله: وإلا أعتقه عليه السلطان، يريد ولا يجزيه إذا أعتقه عليه، لكنه مكره على ذلك، والمكره لا نية له، فلا يجزيه، إذ لا تجزيه الكفارة إلا بنية. وكذلك قال في المدونة في الذي أعتق نصيبه من عبد وهو موسر، فقوم عليه نصيب شريكه أنه لا يجزيه، وابن الماجشون يقول: إنه إذا أعتق نصف عبده عن ظهار، ثم أعتق بعد ذلك النصف الآخر أو أعتق شقصا له في عبد عن ظهاره وهو موسر، ثم اشترى نصيب صاحبه فأعتقه، أنه لا يجزيه؛ لأنه لما أعتق نصف عبده فقد لزمه عتق باقيه، ولما أعتق نصيبه من عبد وهو موسر، لزمه أن يقوم عليه نصيب شريكه، فلا يجزيه أن يعتق في ظهاره ما قد وجب عليه تقويمه أو عتقه، ومن الناس من يتأول ما في المدونة لابن القاسم على مذهب ابن الماجشون؛ لقوله: والظهار لا يكون فيه تبعيض العتق، وليس ذلك بصحيح؛ لأن الذي يدل عليه قوله: إن التبعيض عنده إنما هو أن يعتق نصيب شريكه في موضع لا يلزمه أن يقوم عليه فيه، وإنما يصح أن يتأول على مذهب ابن الماجشون، قول سحنون، والله أعلم.