من موافقة أهل الكتاب في السدل إلا لشيء أمر به، فهذا وجه ما ذهب إليه مالك في كراهية القصة للمرأة. ويدل على ما ذهب إليه من ذلك حديث «معاوية بن أبي سفيان إذ خطب الناس بالمدينة عام حج، فتناول قصة من شعر كانت بيد حرسي فقال يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهى عن مثل هذه ويقول إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم؛» لأن المعنى فيها، والله أعلم، أنها كانت قصة معمولة من شعر تضعها المرأة التي قد سقط شعرها على رأسها فينسدل على جبهتها مقصوصا ترائي به أنه شعرها، فنهى النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك في حديث معاوية؛ لأنه من ناحية النهي أن تصل المرأة شعرها بشعر غيرها، وقد قال ابن عبد البر: إن معنى النهي في حديث معاوية هو أن تصل المرأة شعرها بشعر غيرها. وقد جاء عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه «لعن الواصلة والمستوصلة» . والذي قلته أبين من ظاهر الحديث، وبالله التوفيق.
[مخارجة الأمة]
في مخارجة الأمة قال ابن القاسم: ولا أرى بأسا أن يأمر الرجل جاريته أن تأتيه بالخراج وإن لم تكن لها صنعة، مثل أن تستقي الماء أو تحتطب وما أشبه ذلك، وقاله أصبغ، هذه صناعات، وإنما المكروه أن يهملها تأتي بالخراج من غير وجه معروف من وجوه الكسب، لا بعمل ولا بصنعة ولا بيع ولا ابتياع تؤديه وتكتسب به، فلعل هذه تكتسب بالزنا أو مهر البغي أو تأتي به، وكذلك قال عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب فإنكم متى كلفتموها