للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياس قول مالك هذا أن يجوز غسل الزيت الذي تموت فيه الفأرة؛ إذ لا فرق بين صب الماء على الدهن وطبخه حتى يذهب الماء ويخلص الدهن، وصب الماء على الزيت وغسله بهرق الماء عنه حتى يخلص الزيت. ويؤيد هذا أنه قد روى ذلك عن مالك علي بن زياد، وابن نافع، وما روي عن يحيى بن عمر أنه قال: إنما خفف مالك مسألة الدهن لاختلاف الناس في ماء البير تموت فيه الفأرة، ولم يتغير ماؤها ليس بصحيح، لما تضمنه الرواية من أن الفأرة إنما خرجت من الدهن بعينه بعد أن غلت فيه لا من ماء البئر.

وكذلك ما حكى ابن حبيب في الواضحة، عن ابن الماجشون أنه قال: ولو فعل ذلك فاعل بالزيت الذي تموت فيه الفأرة ما جاز؛ لأن الفأرة لم تمت في زيت البان، وإنما ماتت في ماء البير ليس بصحيح أيضا؛ لأنها وإن كانت لم تمت في زيت البان، فقد غلت فيه ميتة، فنجس بذلك بإجماع كما لو ماتت فيه. وإذا طهر الماء الدهن بصبه عليه لتخلله إياه، ووصوله إلى جميع أجزائه، وإن لم تمت الفأرة إلا في الماء الذي عجن به، فكذلك يطهر الزيت الذي ماتت فيه الفأرة إذا غسل به لتخلله إياه، ووصوله إلى جميع أجزائه، إذ لا فرق بين ذلك في المعنى والقياس، ومراعاة الاختلاف خارج عن القياس، فثبت ما ذهبنا إليه من حمل مسألة الزيت على مسألة الدهن بالقياس، وتفرقة أصبغ بين أن يكون الدهن قليلا أو كثيرا في هذه المسألة وجهها مراعاة الاختلاف الذي ذكرناه في جواز غسله، إذ لا اختلاف في نجاسته لما ذكرناه، فرأى أن يغسل الكثير لحرمة الطعام وحفظ المال، والله أعلم، وبه التوفيق.

[مسألة: مقدار الفرق ثلاثة آصع]

مسألة قال أصبغ: قال ابن القاسم وسفيان بن عيينة: الفرق ثلاثة آصع، وهو الذي كان يتوضأ منه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويتطهر.

قال محمد بن رشد: يقال: الفرق والفرق - بتحريك الراء وإسكانها - وهو مكيل معروف. وروي عن ابن وهب أنه مكيال من خشب،

<<  <  ج: ص:  >  >>