ولا اختلاف أعلمه أن في كيله ثلاثة آصع، وأن في كل صاع أربعة أمداد. وإنما اختلفوا في المد فقيل: إنه زنة رطلين؟ وقيل: إنه زنة رطل وثلث، قيل بالماء، وقيل بالوسط من الطعام. وقد رويت في هذا الباب آثار ظاهرها التعارض لاختلافها في مقدار ما كان يتوضأ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويغتسل من الماء. منها ما روي:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة» ، ومنها ما روي عن عائشة أنها قالت:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع» ، ومنها ما روي عن أنس بن مالك: "أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ بالمكوك، ويغتسل بخمس مكاكي» ، والذي أقول به في ذلك أن ذلك ليس باختلاف تعارض، وإنما هو اختلاف تخيير وإباحة وإعلام بالتوسعة، فكان يغتسل مرة بثلاثة آصع على ما في الحديث الأول، ومرة بصاع ونصف على ما في الحديث الثاني، ومرة بصاع على ما في الحديث الثالث، ومرة بصاع ومد إذا كان المكوك مدا على ما في حديث أنس، وأن عائشة قصدت في الحديث الثالث إلى الإعلام بأقل ما رأت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ به، ويغتسل من الماء، وقصد أنس بن مالك في حديثه أيضا إلى الإعلام بأقل ما رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ به ويغتسل من الماء، وهي كلها