القرآن إلا في الصلاة والمساجد، قال الله تبارك وتعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤] وثبت على ذلك.
قال محمد بن رشد: كره مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، في هذه الرواية قراءة القرآن في الأسواق والطرق لوجوه ثلاثة:
أحدها: تنزيه للقرآن وتعظيم له من أن يقرأه وهو ماش في الطرق والأسواق لما قد يكون فيها من الأقذار والنجاسات.
والثاني: أنه إذا قرأه على هذه الأحوال لم يتدبره حق التدبر.
والثالث: لما خشي أن يدخله في ذلك مما يفسد نيته، وهو الذي يدل عليه استدلاله بقول الله عز وجل:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤] . وحكى ابن حبيب عنه من رواية مطرف إجازة ذلك، وقال: وقد بلغني أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن والِيَيْنِ ومعلمين، فلما قدما اليمن تفرقا في المنزل ثم التقيا، فقال معاذ لأبي موسى الأشعري كيف تقرأ القرآن اليوم؟ -قال مالك: وأحسبهما كانا قد اشتغلا بتعليم الناس الإسلام والقرآن- فقال أبو موسى: أما أنا فأتفوقه تفوقا ماشيا وراكبا وقاعدا وعلى كل حال. قال معاذ أما أنا فأنام أول الليل وأقوم آخره وأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.
ويدل على جواز هذا أيضا ما وقع في الموطأ عن عمر بن الخطاب، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " أنه كان في قوم وهم يقرؤون القرآن فذهب بحاجته ثم رجع وهو يقرأ القرآن " - الحديث. وقد مضى طرف من هذا المعنى في رسم "تسلف".
[مسألة: الرجل يسافر يوم الجمعة بعد أن يصبح]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يسافر يوم الجمعة بعد أن يصبح، قال: ما يعجبني ذلك إلا من عذر.