قال محمد بن رشد: قول أصبغ في هذه المسألة: إن شهادة الصحة أعمل أظهر من قول ابن القاسم، لأنها علمت من صحته ما جهلته الأخرى، ومثل قول أصبغ لابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب الشهادات في التي مرضت فأوصت في مرضها، فشهد شهود أنها كانت صحيحة العقل وشهد آخرون أنها كانت موسوسة، لأنه إذا قال في تلك: إن شهادة الصحة أعمل فأحرى أن يقول ذلك في هذه، وإذا قال في هذه أن ينظر إلى أعدل البينتين فأحرى أن يقول ذلك في تلك، وقد ساوى أصبغ بينهما في هذه الرواية.
فيتحصل في مجموع المسألتين ثلاثة أقوال، أحدها: أنه ينظر فيهما جميعا إلى أعدل البينتين، والثاني: أن شهادة الصحة أعمل فيهما جميعا، والثالث: أن شهادة الصحة أعمل في اختلافهم هل صح من مرضه أو لم يصح، وأنه ينظر إلى أعدل البينتين في اختلافهم هل كان في حين الوصية صحيح العقل أو غامر العقل، وفي كل مسألة من هاتين المسألتين قولان، ويتخرج في اختلافهم في حين الوصية هل كان صحيح العقل أو غامر العقل قول ثالث، وهو أن شهادة المرض أعمل، ولا يقال ذلك في اختلافهم هل صح من مرضه أم لا؟ فهذا وجه القول. في هذه المسألة، وقد مضى ذلك في سماع أبي زيد من كتاب الوصايا، وبالله تعالى التوفيق.
[مسألة: الولاء يجب للمعتق]
مسألة قال أصبغ: سئل ابن وهب عن أختين اشترتا أباهما فعتق عليهما وهما من حرة كانت أمهما حرة، فتوفيت إحداهما فورثها أبوها، ثم توفي الأب قال: ترث الثانية النصف بالرحم والولادة، وترث نصف النصف الباقي بالولاء ويبقى الربع. فلها النصف نصف هذا الربع الباقي؛ لأن أباها جر ولاء ولده إليها، لأنه حين عتق جر ولاء ولده بعضهم لبعض، وكان مولاهما جميعا بجر ولاء هذه إلى هذه، فصار لها ها هنا سبعة أثمان الميراث.