إنه يجب عليه منذ يدخل رحاب المسجد التي تصلى فيه الجمعة من ضيق المسجد، وبالله التوفيق.
[مسألة: الجمع بين المغرب والعشاء إذا جمعتا في المطر]
مسألة وسئل مالك عن الجمع بين المغرب والعشاء إذا جمعتا في المطر أية ساعة يجمعان؟ قال: يؤخر المغرب قليلا. فقيل: أيوتر من جمع قبل أن يغيب الشفق؟ قال: لا، أفلا يستطيع أن يوتر في بيته؟
قال محمد بن رشد: قوله: إن المغرب تؤخر قليلا في الجمع بينهما هو معنى ما في المدونة، وفي رسم "أخذ يشرب خمرا" بعد هذا، وهو المشهور في المذهب المعلوم من قول مالك أن ينصرف الناس وعليهم إسفار قبل مغيب الشفق وإظلام الوقت.
وقد روي عن مالك أنه يجمع بينهما عند الغروب، وهو قول محمد بن عبد الحكم، وروي ذلك عن ابن وهب وأشهب.
وهذا القول يأتي على قياس القول بأن المغرب ليس لها في الاختيار إلا وقت واحد، فلما لم يجز على هذا القول تأخير المغرب بعد الغروب إلا لعذر ولا تعجيل العشاء قبل الشفق إلا لعذر أيضا، واستوى الطرفان، رأى التعجيل أولى لما للناس من الرفق في الانصراف والضوء متمكن بعد.
وأما القول الأول فإنه يأتي على مراعاة قول من يرى أن المغرب وقتها في الاختيار إلى مغيب الشفق، وهو ظاهر قول مالك في موطئه، فرأى أن يكون الجمع في وسط وقت المغرب المختار ليدرك من فضيلة وقت المغرب بعضها وتكون العشاء قد عجلت عن وقتها المختار للرفق بالناس كي ينصرفوا وعليهم إسفار قبل تمكن الظلام. وقوله: إنه لا يوتر قبل أن يغيب الشفق صحيح؛ لأن الوتر من صلاة الليل، ولا ضرورة تدعو إلى تعجيله قبل مغيب الشفق، وبالله التوفيق.