بالنساء- إذا نوى أن يكون إمامهن، فإن ذلك خلاف لما في المدونة من قوله إذا صلى الرجل لنفسه فأتى رجل فائتم به، فصلاته جائزة - نوى أن يؤم به أو لم ينو؛ ودليله حديث «ابن عباس إذ بات مع النبي- عَلَيْهِ السَّلَامُ - عند خالته ميمونة، فلما قام رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الليل يصلي، قام إلى جانبه دون أن يستأذنه حتى يعلم أنه قد نوى أن يؤمه» . ووجه القول الأول، أن الإمام يصلي لنفسه ولمن يأتم به، فيحمل عنهم القراءة، وما سوى الإحرام، والركوع، والسجود، والجلوس الآخر والسلام؛ واعتقاد نية الفريضة بما ألزمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ضمان صلاتهم بقوله:«الإمام ضامن» . فإذا لم ينو الإمامة بهم، لم تنتظم صلاته بصلاتهم، ولا حمل عنهم شيئا منها، ففسدت بذلك عليهم؛ فالقول الأول أتبع للأثر، وهذا أظهر من جهة النظر؛ وقد رأيت لأبي حنيفة - فيما أظن- أن ائتمام الرجل بالرجل دون أن ينوي أن يؤمه جائز، بخلاف ائتمام النساء به دون أن ينوي أن يؤمهن - وهو بعيد؛ ولعله ذهب - إن صح ذلك عنه - إلى أن الأصل الذي يعضده القياس، كان لا يصح الائتمام بمن لا يعتقد الإمامة، فخرج من ذلك ائتمام الرجل بمن لا ينوي الإمام، لحديث ابن عباس؛ وبقي النساء على الأصل في أنهن لا يجوز لهن أن يأتممن من لا ينوي الإمامة- وبالله التوفيق.
[مسألة: قرأ سورة طويلة ونواها في نفسه ثم كسل فترك القراءة وركع وسجد]
مسألة وسئل عمن قرأ في صلاته سورة طويلة ونواها في نفسه، فأدركه كسل وملالة، فترك القراءة وركع وسجد؛ أتجزئه صلاته؟ قال ابن القاسم: ليس عليه شيء.