إناء واحد تقتضي الألفة بينهما والمودة، فهي تكره من هذا الوجه وإن علمت طهارة يده. وأما تكنيته بأبي حكيم وبغيره من الكنى، فإذا كانت الكنية له كالاسم الذي يعرف به فتكنيته بها مباحة، إذ ليس في ذلك قصد إلى إكرامه وترفيعه، وقد قال الله عز وجل:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}[المسد: ١] فلم يكن ذلك ثناء من الله عز وجل عليه ولا ترفيعا له، بل مقته بذلك وأوعده بما أوعده به. وأما تكنيته إذا كان له اسم يعرف به فمكروه، لأن تكنيته ترفيع به وإكرام له، وذلك خلاف ما يستحب من إذلالهم وإصغارهم لمحاربتهم الله عز وجل ورسوله. وقد وقع في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان أنه قد كان يرخص في ذلك، والترخيص ليس بإباحة.
وإنما يرجع اختلاف قوله في ذلك إلى قوة الكراهة وضعفها، ولا حجة في إباحة ذلك دون كراهة، «لقول النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لصفوان بن أمية: انزل أبا وهب» لأنه إنما قال ذلك له استئلافا له رجاء أن يسلم. وكذلك قوله للذي كان يقبل عليه بحديثه من عظماء المشركين إذ دخل عليه عبد الله ابن أم مكتوم: يا أبا فلان، هل ترى بما أقول بأسا، لأنه إنما أقبل عليه بحديثه وكناه رجاء إسلامه وإسلام من وراءه بإسلامه، وبالله التوفيق.
[الخروج لطلب العلم]
في الخروج لطلب العلم قال وسئل فقيل له: يا أبا عبد الله، أترجو لمن خرج في طلب هذا الفقه والعلم في ذلك خيرا؟ فقال: نعم، لمن حسنت نيته، وهدي لخيره، وأي شيء أفضل منه، قال الله تبارك