مسألة وسئل ابن القاسم عن رجل صلى فدخل عليه داره رجل فصاح به، فسبح به، فقال: سبحان الله- يريد بذلك أن يخبر صاحبه أنه يصلي، هل يفسد ذلك صلاته؟ قال ابن القاسم: التنحنح عند مالك شديد فكرهه، وأما التسبيح فلا بأس به- وإن تعمد بالتسبيح ليعلم صاحبه مكانه.
قال محمد بن رشد: أجاز التسبيح في الصلاة لما ينوبه فيها- وإن كان ذلك فيما لا يتعلق بإصلاحها، مثل ما في المدونة - سواء؛ ودليله قول النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «من نابه شيء في صلاته فليسبح» ؛ لأنه كلام قائم مستقل بنفسه، فيحمل على عمومه فيما يتعلق بإصلاح الصلاة، وفيما لا يتعلق بإصلاحها، ولا يقصر على ما يتعلق بإصلاحها- وإن كان الكلام خرج على ذلك السبب؛ وقد قيل: إنه يقصر على سببه، والأول أصح القولين في النظر. وقد اختلف فيما عدا التسبيح من ذكر الله، وقراءة القرآن- إذا رفع بذلك صوته لإنباه رجل، فلم ير ذلك أشهب كالكلام، ورآه ابن القاسم كالكلام، فأفسد به الصلاة؛ وانظر في تكبير المكبر في الجوامع، هل: يدخله هذا الاختلاف أم لا؟ والأظهر أنه لا يدخله؛ لأنه مما يختص بإصلاح الصلاة، ويشهد له حديث صلاة الناس بصلاة أبي بكر خلف النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مرضه؛ وأما إنكاره للتنحنح في الصلاة، فهو مثل ما مضى له في رسم "البز" من سماع ابن القاسم، وقد تقدم القول على ذلك هناك.