وسكت فهو على أول سنة، فإن لم يحج في أول سنة لزمه أن يحج فيما بعدها، وذهب ابن العطار إلى أن السنة تتعين بذكرها، ولا تصح الإجارة عنده إلا بتعيينها، فقال: عقد الإجارة في ذلك على سنة مسماة لم تأت بعد، على أنه موسع عليه في تعجيلها، فأما قوله: إنها تتعين بذكرها، فقد قيل ذلك أنها تتعين إذا عينت، وهو الذي يدل عليه ما في الحج الثالث من المدونة، وأما ما ذهب إليه من أن الإجارة لا تصح إلا بتعيينها، فليس بصحيح، قد أجاز في سماع أبي زيد من هذا الكتاب الاستئجار على حجة مقاطعة في غير سنة بعينها، وسيأتي الكلام عليها هناك إن شاء الله، وأنه يرد المال إن كان أخذه، على البلاغ؛ لأنه إذا أخذه على البلاغ، فإنما هو رسول لهم لم يضمن الحج، فإذا تعدى فأنفق مالهم في غير ما إذن له فيه، صار ضامنا له، وترتب في ذمته، ومن ترتب في ذمته مال لم يجز أن يصرف في إجارة عند مالك وجميع أصحابه.
[مسألة: خرج في مشي عليه فمرض في بعض الطريق]
ومن كتاب القبلة مسألة قال ابن القاسم، وسمعت مالكا: قال فيمن خرج في مشي عليه، فمرض في بعض الطريق، فركب يوما أو ليلة، ثم مشى بعد ذلك حتى بلغ، فأرجو أن يجزئ عنه، ويهدي ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد صام عشرة أيام.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة وغيرها من الدواوين أنه إن كان الذي ركب اليسير الأميال واليوم وشبهه، فليس عليه أن يعيد ثانية، ويجزئ الهدي، وسواء قرب مكانه أو بعد، وقد روى ابن وهب، عن مالك: أنه لا هدي عليه إن بعد مكانه كمصر وشبهها، وأما إن كان كثر ما ركب، ولم يكن جل الطريق، فإنه يرجع ثانية للمشي ما ركب باتفاق في المذهب إن كان