يكن يعقل، على ما في سماع ابن القاسم من كتاب طلاق السنة ومن كتاب الأيمان بالطلاق، والقول الثاني أنة لا يصدق ولا يمكن من اليمين، ويلزمه النكاح، وهو دليل قوله في رواية أشهب عنه: وكيف يعلم ذلك؟ وأخاف إن ربح قال: كنت صحيحا، وإن خسر قال: كنت سكران، إلى آخر قوله.
وقول سحنون: إنه لا يجوز نكاحه ولا بيعه ولا هبته ولا صدقته ولا عطيته ولا إقراره بالدين، معناه أنه لا يلزمه شيء من ذلك، وله أن يرجع عنه إذا أفاق، على ما بيناه من مذهب مالك، وذكرنا وجهه.
وقوله: إن الكتابة والتدبير كالعتق والحدود في جواز ذلك عليه ولزومه، صحيح على مذهب مالك، وأما وصيته بالعتق وغيره، فالصحيح على مذهب مالك أنها جائزة على القول الذي رجع إليه سحنون؛ لأن حكم وصيته حكم ما عقده على نفسه من البيع وغيره، ولا يقال في شيء من ذلك على مذهب مالك: إنه غير منعقد عليه، وإنما يقال فيه على مذهبه: إنه غير لازم له، لو أراد الرجوع فيه إذا أفاق من سكره، فإذا لم يرجع في وصيته حتى مات وجب أن تنفذ كما تنفذ وصية الصحيح من السكر، فقول سحنون الأول: إن وصية السكران لا تجوز، غلط وُفِّق في سرعة الرجوع عنه وترك التمادي عليه، وكذلك تفرقته فيه بين ما بتل في مرضه من العتق وغيره إن مات من مرضه، غلط أيضا، والصحيح على مذهب مالك أنه إن مات من مرضه ذلك نفذ العتق وغيره من الثلث على معنى الوصية، وإن صح من مرضه ذلك نفذ عليه العتق ولزمه وكان له الرجوع فيما بتله من الهبة والصدقة من أجل السكر، والله أعلم.
[مسألة: إنكاح الأب ابنته دون استئمار]
مسألة قال مالك: من عبرة إنكاح البكر ولا تستأمر ما في القرآن: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}[القصص: ٢٧] لم يذكر في هذا استئمارا.