على أن إقراره إياهم فيها لم يكن على التأبيد بِحق أوجبه لهم، وإنما كان لمنفعة المسلمين، إلى أن يأمر بإجلائهم فَيُمْتَثَلَ أمرُهُ فيها، وذلك من أعْلام نبوته؛ لأنه أخبر بما كان قبل أن يكون، فكان كما أخبر به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وكذلك أجلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يهود نجران وَفَدَك. فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الأرض والثمر شيء، وأما يهود فَدَكَ فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض؛ لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صالحهم على ذلك، فأعطاهم عمر قيمته من ذهب وورق وجمال وأقتاب وأجلاهم عنها. وبالله التوفيق.
[السبب التي استحل به رسول الله صلى الله عليه بني النضير]
في السبب التي استحل به رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بني النضير
قال مالك:«جاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني النضير يستعينهم في دية فقعد في ظل جدار، فأرادوا أن يلقوا عليه رَحَا. فأخبرهُ الله بذلك، فقام وانصرف، فبذلك استحلهم وأجلاهم إلى خيبر» وصَفيَّةُ من أهلها، سباها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر، قال:«فرجع إليهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأجلاهم على أن لهم من أموالهم ما حملت الإبل والصفراء والبيضاء والخلقة والدِّنَان وَمِشَكِّ الحمل» . قال: الصفراء والبيضاء الذهب والورق والخلقة السلاح والدنان الفخار ومشك الحمل يستقي فيه الماء جلود يدبغونها بشعرها، «فقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حين رجعَ إليهم: يَا أخَاييثُ يَا وُجُوهَ القِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ» .
قال الِإمام القاضي: الدية التي ذهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ