هذا مما يرى أن وطأه إياها بعد الطلاق لم يكن للارتجاع، إنه لا يكون الوطء ارتجاعا، إلا أن ينوي بذلك ارتجاعا. قال: وقال مالك: فإن مضت العدة وهي بتلك الحال بانت منه، وإن علم بقبيح ما هو عليه قبل انقضاء العدة، فأراد ارتجاعها، كان وجه ارتجاعها الإشهاد، ولم يحل له وطؤها حتى تعتد ثلاثة قروء من يوم يرتجعها، وليس من يوم طلقها؛ لأن عليها العدة من المسيس الفاسد.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها مستوفى في رسم استأذن من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[يغيب عن أهله والولد أصاغر في حجر أمهم]
ومن كتاب أوله أول عبد ابتاعه فهو حر وسألته عن الرجل يغيب عن أهله، والولد أصاغر في حجر أمهم تلزمه نفقتهم، فإذا قدم وادعت المرأة وهي أمهم أنها أنفقت عليهم من مالها، أيلزمه ذلك أم يبرأ بمثل ما يبرأ به من نفقتها، إذا زعم أنه كان يبعث بها إليها، ولا يكون لها عليه شيء، إلا أن ترفع أمرها إلى السلطان؟ قال: حالها فيما تدعي من الإنفاق عليهم من مالها بمنزلة ما تدعي أنها أنفقت على نفسها إذا لم ترفع ذلك إلى السلطان، حتى يقدم، لم تصدق عليه، وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم، وحسبه لها عليه من يوم يفرضه، وكان لها دينا تتبع به.
قال محمد بن رشد: قوله: إن الرجل يبرأ من نفقة ولده في حجر أمهم، بما يبرأ به من نفقة زوجته صحيح؛ لأنه مؤتمن على ذلك، كما هو مؤتمن في النفقة على زوجته، فليس عليه أن يشهد على شيء من ذلك، والقول فيه قوله، والأصل أنه مؤتمن في النفقة على من في حجره ممن يلزمه الإنفاق عليه مصدق. وقوله فيه دون إشهاد، هو أن الله أمره بذلك، كما أمره