مسألة قال أصبغ سألت ابن القاسم عن زيتون يكون بالمغرب ساقى فيها صاحبه على أن يحرثه للمساقي ليس عليه علاج غيره ولا سقي، فقال: هذا بعل وكذلك الكروم والنخل من البَعل، فهذا لا بأس به، وهو أمر الناس في مساقاة البعل وعليه مع هذا قطفها وتنقيتها وحراستها، قلت أرأيت إِن اشترط حمل نصيبه إلى منزله إلى المدينة أو اشترط ذلك المساقي على العامل؟ قال: لا خير فيه، هذه زيادة يزدادها، قلت أرأيت إن كان ذلك قريبا؟ قال مَا يُعجبني إلا أن يكون شيئا ليس عليه فيه مؤنة، قلت أرأيت إن كان قريب الميل وما أشبهه، وقال ما يعجبني، وقاله أصبغ، وقال: إن وقعت فيه المساقاة في المكان البعيد وفاتت رد إلى مساقاة مثله بلا حملان عليه، وسقط الجزءُ الذي بينهما في الشرط.
قال محمد بن رشد: إجازتُه المساقاة في الزيتون البَعل مثل ما في المدونة من إجازة المساقاة في الشجر البَعل والزرع البَعل، وأما اشتراطه على العامل حمل نصيبه إلى منزله فكرهه ابن القاسم إِلَّا أن يكون شيئا ليس عليه فيه مؤنة، وكراهيتُه بينةٌ لأنها زيادة ازدادها رب الحائط على العامل إلا أنه لم يبين وجه الحكم في ذلك إذا وقع، والذي يأتي في ذلك على الأصل الذي ذكرناه في أول سماع ابن القاسم وفي رسم كتب عليه ذكر حق أن يُرَدَّ إذا فات إلى إِجارة مثله إِلَّا في المكان القريب فيشبه أن يرد فيه على مذهبه إِلى مساقاة مثله استحسانا، وأما قول أصبغ إنه يرد إلى مساقاة مثله في المكان البعيد فهو بعيد لا يتخرج إلا على قول من يرد العامل في المساقاة الفاسدة كلها إلى مساقاة مثله جملة من غير تفصيل، وبالله التوفيق.