أنه ليس له أن يأكلها، إلا أن يكون محتاجا إليها - وهو قول أبي حنيفة.
والرابع: أنه ليس له أن يأكلها، إلا أن يكون له وفاء بها.
[مسألة: الهرب عن الساعي بالغنم]
مسألة قال سحنون: لو أن رجلا له أربعون شاة، أو عشرون دينارا، فأقامت في يده سنين كثيرة - هاربا عن الساعي بالغنم، وشحا عن إعطاء الزكاة في الدنانير، (أنه) إن كانت له عروض، ضمن الزكاة في الدنانير لجميع السنين، وذلك أن الزكاة صارت عليه دينا؛ فأنت تنظر: فإن كان له مال سوى هذه الدنانير، ضمن الزكاة لجميع السنين، وإن لم يكن له مال سوى هذه الدنانير يضمن فيها الزكاة، لم يكن عليه إلا زكاة واحدة لجميع السنين؛ قال: وأما الغنم فليس عليه إلا شاة واحدة لجميع السنين كلها - كان له مال غيرها، أو لم يكن؛ لأنه بمنزلة ما لو أن رجلا وجبت عليه الزكاة في غنمه - وعليه دين، زكاها ولم يمنعه الدين من الزكاة.
قال محمد بن رشد: أما مسألة الدنانير، فإن لم تكن له عروض تفيء بما عليه من الزكاة للأعوام الماضية، فليس عليه إلا زكاة سنة واحدة، واختلف إن كانت له عروض تفيء بما عليه من الزكاة للأعوام الماضية، فقيل: إنه يزكي للأعوام الماضية، ويجعل دين الزكاة في عروضه، وهو قول سحنون هذا؛ وقول أشهب في المدونة، خلاف ظاهر قول ابن القاسم فيها، ونص قوله في سماع سحنون من كتاب زكاة العين في بعض الروايات، وجه قول ابن القاسم: إن الزكاة لما كانت متعينة في عين المال، وجب أن تؤخذ من عينه لأول سنة، فإذا أخذت فكأنها قد أخذت حين وجبت، فلا يزكي للعام الذي بعده إلا ما بقي -