للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقومون دونك، فقال أبو بكر: يا أبي إني إنما أريد ما أريد، فيتحدث ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال له أبوه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: ٥] {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: ٦] إلى قوله: {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} [الليل: ١٩] {إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل: ٢٠] {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: ٢١] ، وبالله التوفيق.

[ما جاء في القدر]

قال: وسمعت مالكا يقول لرجل: سألتني عن القدر؟ فقال له الرجل: نعم. قال: يقول تبارك وتعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: ١٣] حقت كلمة ربك ليملأن جهنم منهم، فلا بد أن يكون ما قال.

قال محمد بن رشد: هذه آية بينة في الرد على أهل القدر كما قال، وذلك لأنهم يقولون: إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطاعة وأرادها منهم، ونهاهم عن المعصية ولم يردها منهم، فلم يكن ما أراد من الطاعة وكان ما لم يرد من المعصية؛ لأن العباد عندهم خالقون لأفعالهم بمشيئتهم وإرادتهم دون إرادة ربهم وخالقهم، وذلك ضلال بين وكفر صريح عند أكثر العلماء، لأنهم يلحقون العجز بالله تعالى، بأن يكون ما لا يريد ويريد ما لا يكون، والجهل به أيضا، لأنهم إذا كانوا هم الخالقون لأفعالهم بمشيئتهم فلا يعلم وقوعها منهم على قولهم حتى يفعلوها، وهذا كفر صريح وتكذيب لقوله عز وجل في غير ما آية من كتابه، من ذلك قوله عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: ٩٩] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>