قال محمد بن رشد: آخر الليل على ما أحكمه الشرع طلوع الفجر، بدليل قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» فلذلك قال: إنه يحنث إن أدخلت عليه بعد طلوع الفجر، إلا أن تكون عادة الناس في ذلك البلد إدخال النساء على أزواجهن بعد طلوع الفجر، فيحمل يمينه على ذلك، ولا يحنث إذا أدخلت عليه فيما بينه وبين طلوع الشمس من تلك الليلة، ولولا ما أحكمته السنة من أن منتهى الليل طلوع الفجر؛ لكان القياس أن يكون منتهاه طلوع الشمس كما مبتداه غروبها؛ لأن السرقة والغبش التي بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بمنزلة السرق والغبش الذي بعد مغيب الشمس إلى مغيب الشفق؛ لأنهما ظلامان يليان الليل من طرفيه، فإما أن يحكم لهما جميعا بحكم الليل من أجل ما فيهما من السواد، أو يحكم لهما بحكم النهار من أجل ما فيهما من البياض، والأظهر أن يحكم لهما جميعا بحكم الليل؛ لأن الشمس هي المفرقة بين الليل والنهار، فوجب أن يكون الليل مدة مغيبها، والنهار مدة طلوعها؛ لأن الشرع قد يأتي مخالفا للقياس، فيجب الوقوف عنده، والانتهاء إليه، والبناء عليه، وإطراح ما هو القياس معه.
وليس وجه في النظر أيضا، وهو أن يحكم بالضياء المتصل بالليل من أول الفجر بحكم ما بعده؛ لأنه في ازدياد، وأن يحكم بالظلام المتصل بالنهار من أول الغروب بحكم ما بعده؛ لأنه في ازدياد أيضا، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف بالطلاق ألا يطأ امرأته حتى إلى العيد فوطئها ليلة العيد]
مسألة وسئل أصبغ عمن حلف بالطلاق ألا يطأ امرأته حتى إلى العيد، فوطئها ليلة العيد قبل الفجر أو بعد الفجر.