ومن كتاب أوله مرض وله أم ولد فحاضت مسألة قال مالك: في الضحايا الضأن أعجب إلي من المعز، والمعز أعجب إلي من البقر، وإناث الضأن أعجب إلي من فحول الضأن المعز.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في المذهب أن الغنم في الضحايا أفضل من الإبل والبقر، بخلاف الهدايا، وظاهر هذه الرواية أن البقر أفضل من الإبل، فأفضل الضحايا فحول الضأن، ثم خصيانها، ثم إناثها ثم فحول المعز، ثم خصيانها ثم إناثها ثم ذكور البقر، ثم إناثها ثم ذكور الإبل ثم إناثها، وقال ابن شعبان: بعد إناث المعز ذكور الإبل، ثم إناثها ثم ذكور البقر ثم إناثها، وجه قول مالك أن المقصود في الضحايا طيب اللحم لا كثرته؛ لأنه لأهل البيت فالأفضل فيها الأطيب لحما، وإن كانت أقل، كما أن الضأن أفضل من البقر؛ لأنها أطيب لحما، وإن كانت أقل منها، فكذلك البقر أفضل من الإبل؛ لأنها أطيب لحما وإن كانت أقل منها ووجهه كما ذهب إليه ابن شعبان: أن الغنم إنما كانت أفضل في الضحايا من أجل أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما ضحى بالغنم اتباعا لملة إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذ فدى الله تعالى ابنه، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، بكبش فضحى به مكان ابنه، وقال تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: ١٠٧] ، فإذا لم يضح بالغنم المرغب في التضحية بها للتأسي بفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبيه خليل الرحمن فالإبل أفضل من البقر؛ لأنها أعلى ثمنا وأكثر لحما، وقد «سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي رقاب أفضل؟ فقال: أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها» ، والشافعي يذهب إلى أن الضحايا كالهدايا الإبل، ثم البقر ثم الغنم ومن حجته الحديث من اغتسل، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، الحديث إلى قوله:«فكأنما قرب كبشا أقرن» ، وهذا لا حجة فيه لاحتمال أن يريد الهدي، وكذلك في بعض الآثار «من اغتسل ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما أهدى بدنة» فسقطت حجته