للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَل نَهْرٍ عَذْب غَمْرٍ بِبَلَدٍ أحَدِكُمْ يَقْتَحِم فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَا تَرَوْنَ ذَلِكَ يُبقِي من درَنِهِ؟ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلاَتُهُ» . وليس قول عمر: اللهم اقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط، بخلاف لما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من قوله: «لاَ يَتَمَنَّينَّ أَحَدُكُم الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ» لأنه إنما دعا بما دعا به، شفقة على دينه، وخوفاً من أن تدركه فتنة تصده عن القيام بأمور المسلمين في دينهم ودنياهم، لما غصب به من الخلافة عليهم. والنهيُ إنما هو عن تمني الموت عند نزول المصائب في الدنيا وحلول البلايا فيها سخطاً بالقضاء وقلة رضا به، وعدم صبر على الأذى والشدة، لا عند الخوف على فساد الدين بحلول الفتن. والله أعلم.

[حكاية من سعد بن معاذ]

قال مالك: وكان من أمر سعد حين مرَّ وعليه الدرع وهو يقول:

مَهْلًا قليلاً نَلْحَقُ الْهَيْجَا حَمَلْ ... لَا بَأْسَ بالْمَوْتِ إِذَا حَلَّ الَأجَلْ

قال محمد بن رشد: حين مر وعليه الدرع المقلصة المشمَّرة الكمين، فقالت: ما أخاف على الرجل إلا من أطرافه. وقد مضى الكلام على هذا في صدر هذا الرسم. وقوله في البيت:

مهلا قليلاً نلحق الهيجا حَمَلْ

معناه الدعاء على أن يمهله الله على ضعفه حتى يلحق الحرب؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>