ذلك. وقال مالك: قد وهب ابن عمر ناقة له لابن ابنه: ابن وافد فأخذها وركبها فصرع عنها وقال: ما كنت لأصنع مثل هذا.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف فيمن تصدق في شيء أنه لا يجوز له أن يأكل شيئا من غلته، حسبما مضى القول فيه في رسم حلف. وأرى هذا أحق لأن ركوبه في الشيء الخفيف، لا ينقص منفعته شيئا في الجهاد، بل قد يكون ركوبه أنفع له من وقوفه، ولذلك قال: لا أحب ذلك، ولم يحرمه، بخلاف غلة ما تصدق به لأن الغرض في التصدق بما له غلة، الغلة لا ما سواها، وكراهية ابن عمر لركوبه الناقة التي وهبها لابن ابنه ابن وافد تورع منه؛ لأن النهي إنما جاء في الصدقة لا في الهبة، إلا أن تكون الهبة لفقير على وجه صلة الرحم، فيكون بمعنى الصدقة وبالله التوفيق.
[: ليس من شأن الذي يفرق الصدقة أن يجري الصدقة على أحد]
ومن كتاب أوله
الشجرة تطعم بطنين في السنة وسئل عن الرجل يلي صدقة يقسمها، فهو يعلم أهل بيت يتامى صغارا ولا يعلم غيرهم ما يعلم منهم من الحاجة أفترى أن يجري عليهم من ذلك ما يكفيهم؟ قال مالك: ليس من شأن الذي يفرق الصدقة أن يجري الصدقة على أحد، وليس هذا من أعمال الناس، فرددت عليه فكأنه لم يعجبه ذلك.
قال محمد بن رشد: كره ذلك لمخالفة ما جرى عليه عمل الناس. والمعنى في كراهة ذلك بين، وهو أنه إنما جعل إليه القسمة والتنفيذ، فلا ينبغي له أن يمسك عند نفسه من ذلك شيئا يجريه على أهل بيت يعرف حاجتهم، فيكون متعديا يلزمه ضمان ذلك إن تلف عنده، وبالله التوفيق.