والقولان في رسم العرية من سماع عيسى من كتاب الهبات والصدقات، وأما حصة المتصدق منها فيلزمه فيها الصدقة إلا أن يكون له مع شريكه فيها شركة مع غيرها مما يقسم معها قسما واحدا؛ ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أنها تقسم، فإن صارت السلعة المتصدَق بها للمتصدق في سهمه كانت للمتصدق عليه، وإن صارت لشريكه لم يكن له شيء، وهو قول ابن القاسم على أن القسمة تمييز حق، والثاني أنه ليس للمتصدَق عليه إلا حصة المتصدق من السلعة، فإن صارت لشريكه كان له من حظ المتصدق من غيرها قدر ذلك، وهو قول ابن الماجشون على قياس القول بأن القسمة بيع من البيوع، والثالث أنه إن صارت السلعة للمتصدق كانت للمتصدق عليه وإن صارت لشريكه كان له من حظ المتصدق من غيرها قدر غيرها وهو قول مطرف، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف ليتزوجن إلى أيام]
مسألة وقال في من حلف ليتزوجن إلى أيام، قال أصبغ: الأيام ثلاثة، فإن لم يتزوج حنث إلا أن يكون له نية في أكثر من ذلك، والذي يحلف ألا يتزوج أياما مثله وهو أشد.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن أقل الجمع ثلاثة في عرف الكلام، وقد قيل: إنه كذلك في موضع اللسان، فوجب أن يحمل بمنزلة الحالف على ذلك، ولا يراعى فيها قول من ذهب إلى أنه في موضوع اللسان اثنان، وإن كان ذلك هو مذهب مالك في أن الاثنين من الإخوة يحجبان الأم من الثلث إلى السدس؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ}[النساء: ١١] وقوله: والذي يحلف ألا يتزوج أياما مثله يريد أنه يبر بالثلاثة الأيام كما يحنث الأول بالثلاثة الأيام، وإنما قال فيه وهو أشد؛ لأنه كلما ترك النكاح كان أبين في البر، وهذا بيّن، والله أعلم.