في الذي يذكر وهو في صلاة العصر أنه كان قد صلى وسئل مالك عن الرجل يصلي العصر لنفسه ثم ينسى أنه صلى فيقوم فيصلي الثانية، فيركع ركعة ثم يذكر أنه قد صلى. قال: أرى أن يضم إليها أخرى، فقلت: يا أبا عبد الله أتكون صلاة بعد العصر؟ قال: قد كان المنكدر يصلي وقد كان عمر ينهى عن ذلك. وقد جاء فيها بعض ما جاء في الشيء إذا كان صاحبه لا يريد به خلاف السنة، وإنما كان على غير خلاف رأيت أن يفعل ذلك للذي جاء فيه من الرخصة، وإنما كره من ذلك ما كان صاحبه يتعمد به خلاف الحق.
قال محمد بن رشد: النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس نهي ذريعة، وإنما حقيقة الوقت المنهي عن الصلاة فيه عند الطلوع وعند الغروب. ألا ترى أن رجلين لو كان أحدهما قد صلى العصر والثاني لم يصلها لجاز للذي لم يصل العصر أن ينتفل ولم يجز ذلك للذي صلى والوقت لهما جميعا وقت واحد، فإنما نهي الذي صلى العصر عن الصلاة بعد العصر حماية للوقت المنهي عن الصلاة فيه لأن الصلاة فيه حرام.
وروي عن المقدام بن شريح قال: «قلت لعائشة: كيف كان يصنع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يعني بعد الظهر والعصر، قالت: كان يصلي الظهر بالهجير ثم يصلي بعدها ركعتين ثم كان يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين. قال: فقلت: أنا رأيت عمر يضرب رجلا رآه يصلي بعد العصر، فقالت: لقد صلاهما ولكن قومك أهل اليمن قوم أهل طعام فكانوا إذا صلوا