ووجه القول الأول أن ذلك ليس ببيع لأن البيع إنما يكون برضا المتبايعين، والغاصب مجبور على أخذ القيمة منه.
ووجه القول الثاني: أن ذلك بيع من أجل أنه مخير بين أن يأخذ سلعته ويضمنه ما نقص يسيرا كان النقصان أو كثيرا وبين أن يسلمها إليه ويأخذ منه قيمتها، فأشبه من حلف أن لا يبيع سلعة قد باعها على أنه فيها بالخيار أنه يحنث إن أمضاها له وإن كان المبتاع مجبورا على أداء الثمن فيها للعقد المتقدم.
والقول الثالث: لا يخرج عن القولين فهو استحسان على غير حقيقة القياس.
وقد تؤول ما في كتاب المكاتب على أنه إنما أراد بما ذكره فيه من الفوات فوات عينها فترجع المسألة على هذا التأويل إلى قولين: أحدهما: أنه حانث بكل حال، والثاني: الفرق بين القليل والكثير، والصحيح أن تحمل الرواية على ظاهرها، وقد بينا وجه ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: كل ولد يلحق بأبيه ويخرج حرا فولاؤه لأبيه]
مسألة وعن الأمة يكون بعضها حرا وبعضها رقيقا يطؤها الذي له فيها الرق، فتحمل فتعتق - هل على الذي كان أعتق بعضها من ولاء الولد شيء أم لا؟ قال: لا، الولد بينهما.
قال محمد بن رشد: روى ابن المواز عن ابن القاسم مثل رواية عيسى هذه، وقال من رأيه، والصواب أن يكون الولاء لأبيه، والنسب أملك به، وعلى الأب عتق، وبالحمل عتق الأم، وكل ولد يلحق بأبيه ويخرج حرا، فولاؤه لأبيه ولو أعتق المتمسك بالرق ثم تزوجها رجل، فولاء ولده لمواليه دون مواليها، والذي قاله محمد بن المواز هو الصحيح، لأن كل ولد يولد للحر ويلحق به نسبه فولاؤه لموالي أبيه، فإن كان مولى ولا يكون الولاء لموالي الأم