قال محمد بن رشد: أما من جحد ما نزل على نبي من الأنبياء مثل أن يقول: إن الله لم ينزل التوراة! على موسى بن عمران، أو الإنجيل على عيسى ابن مريم، أو جحد نبوة أحد منهم فقال: إنه لم يكن بنبي، فإنه كفر صريح إن أعلنه استتيب، فإن تاب وإلا قتل، وإن أسره حتى ظهر عليه قتل، ولم يستتب؛ لأنه حكمه، وحكم من سب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو أحد من الأنبياء يقتل بلا استتابة.
فقوله في الرواية، ومن سب أحدا من الأنبياء والرسل أو جحد ما أنزل إليه، أو جحد منهم أو جحد ما جاء به، فهو بمنزلة من سب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصنع فيها ما يصنع فيه سواء، معناه في الذي جحد النبي، أو ما أنزل إليه مستسرا بذلك فعثر عليه، وأما إن كان معلنا بذلك غير مستسر به، فالحكم فيه أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل بسب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أو أحد من الأنبياء، وبالله التوفيق.
[مسألة: أعراب قطعوا الطريق]
مسألة وسئل ابن القاسم عن اللص يولي مدبرا أيتبع؟ فقال: إن كان قتل فنعم يتبع ويقتل، وإن لم يكن قتل، فلا يعجبني أن يتبع ولا يقتل، قال: والأسير من اللصوص يستتاب، وإلا قتل، وإن يبلغ به الإمام، وهو رأي مالك إذا كان قد استوجب القتل قتل، قلت لابن القاسم: قل يستوجب القتل وإن لم يقتل؟ قال: ذلك أشكل، ولا يقتله إلا الإمام إذا اجتهد الرأي، قلت له: أرأيت إن كان بعضهم قتل؟ فقال: إذا قتل واحد منهم، فقد استوجبوا القتل جميعا، لو خرج مائة ألف فقتل واحد منهم قتلوا كلهم، وسئل سحنون عن اللصوص إذا ولوا أيتبعوا؟ فقال: نعم، يتبعون لو بلغوا برك الغماد، قيل لسحنون: فلو أن لصا أو محاربا عرض لي فجرحته، أو ضربته بشيء فأسقطته،