أترى أن أجهز عليه؟ فقال: نعم، فأعلمته بقول ابن القاسم أنه يجهز عليه فلم يره شيئا، وقال: قد حل حين عرض ونصب الحرب وقطع الطريق وأخاف السبيل.
قال محمد بن رشد: جهاد المحاربين عند مالك وجميع أصحابه جهاد، قال أشهب عنه: من أفضل الجهاد وأعظمه أجرا، وقال مالك في أعراب قطعوا الطريق: إن جهادهم أحب إلي من جهاد الروم، وقد قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ومن قتل دون ماله فهو شهيد» فمن قتل دون ماله ومال المسلمين فهو أعظم لأجره، واستحب أن يدعو إلى التقوى والكف، فإن أبوا قوتلوا، وإن عاجلوا قوتلوا، وأن يعطوا الشيء اليسير إذا طلبوا مثل الثوب والطعام وما خف، ولا يقاتلوا، ولم ير سحنون أن يعطوا شيئا، وإن قل، ولا أن يدعوا وقال: هذا أوهن يدخل عليهم، وليظهر لهم الصبر والجلد والقتال بالسيف، فهو أكثر لهم وأقطع لطمعهم، ذهب في ذلك كله مذهب ابن الماجشون، وقول مالك أحسن، والله أعلم.
واختلف إذا امتنع فأمنه الإمام على أن ينزل، فقيل: له الأمان له، وقيل: لا أمان له، ويقام عليه حد الحرابة، إنما يؤمن المشرك على أن يؤدي الجزية، ويكون على الذمة، وتأمين المحارب إنما هو على أن يعطل حدود الله تعالى في إقامة الحد عليه، وكره ابن القاسم في هذه الرواية أن يتبع اللص إذا ولى مدبرا فيقتل، إلا أن يكون قد قتل، وأن يجهز عليه إذا جرح، ولم يكن قتل، وأجاز ذلك كله سحنون، بل استحسنه، ومعنى ذلك إذا ولى هاربا وأمن رجوعه، وأما إن لم يؤمن رجوعه فلا اختلاف في أنه يتبع ويقتل، وما ذهب إليه سحنون هو القياس، وقول ابن القاسم استحسان.
ولا اختلاف في أنه إذا قتل واحد منهم فقد استوجبوا القتل كلهم.
ولا في أن كل واحد منهم ضامن لجميع ما أخذوا من المال، يتبع من وجد