ممن يخشى أن يغش بها لم يكن عليه إلا الاستغفار، وإن باعها ممن يعلم أنه يغش بها، فواجب عليه أن يستصرفها منه إن قدر على ذلك، وقد اختلف إذا لم يقدر على استصرافها فيما يجب عليه من التوبة فيما بينه وبين خالقه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يجب عليه أن يتصدق بجميع الثمن. والثاني: أنه لا يجب عليه أن يتصدق إلا بالزائد على قيمتها لو باعها ممن لا يغش بها - إن كان يزيد فيها شيئا. والثالث: أنه لا يجب عليه أن يتصدق بشيء منه إلا على وجه الاستحباب مراعاة للاختلاف، وقد مضى توجيه هذا الاختلاف في رسم البيوع الأول من سماع أشهب من كتاب التجارة إلى أرض الحرب.
[ابتاع سلعة بثلثي درهم ثم ذهب فأتاه بدرهم ورد عليه بائع السلعة ثلث درهم فضة]
ومن كتاب إن أمكنتني من حلق رأسك
وقال في رجل ابتاع سلعة بثلثي درهم ثم ذهب فأتاه بدرهم ورد عليه بائع السلعة ثلث درهم فضة، قال: لا بأس به.
قلت: فلو كان أسلفه ثلثي درهم فأتى بدرهم فرد عليه المسلف ثلث درهم فضة، قال: لا خير فيه.
قلت له: لم؟ قال: لأنه لو ابتدأ الشراء فاشترى بثلثي درهم وأخذ بثلثه فضة، لم يكن له بأس؛ ولأنه لو أخذ منه قطعة فضة بثلثين وثلث درهم بغير كيل افترقا أو كانا في مجلس واحد، لم يكن فيه خير، وهذا وجه ما سمعت.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة لو ابتدأ الشراء فاشترى بثلثي درهم وأخذ بثلثه فضة، معناه: فاشترى بثلثي درهم فدفع درهما، وأخذ بثلثه فضة، وتكلم في هذه المسألة على درهم قائم، فليست بخلاف لما في أول رسم سماع أشهب في الرجل يكون له على الرجل عشرة دنانير مجموعة فيأتيه بها فيجدها تزيد خروبة، أنه لا يجوز