قال محمد بن رشد: وجه قوله الإعلام بأن المقصورة محدثة لم تكن على عهد النبي ولا عهد الخلفاء بعده، وإنما أحدثها الأمراء للخوف على أنفسهم، فاتخاذها في الجوامع مكروه، فإن كانت ممنوعة تفتح أحيانا وتغلق أحيانا فالصف الأول هو الخارج عنها اللاصق بها، وإن كانت مباحة غير ممنوعة فالصف الأول هو اللاصق بجدار القبلة في داخلها.
روي عن مالك ذلك. وقوله جعل فيها تشبيكا يريد تخريما يرى منه ركوع الناس فيها وسجودهم للاقتداء بهم.
[مسألة: الرجل لا يدرك من الجمعة إلا التشهد أيركع ركعتين نافلة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل لا يدرك من الجمعة إلا التشهد فيقعد مع الإمام بتكبيرة فيتشهد ثم يسلم الإمام، أيركع ركعتين نافلة؟ أو يقوم يصلي أربعا؟ قال لم يتنفل استنكارا لذلك، ثم قال بل يصلي أربعا كما هو إذا سلم الإمام. قال مالك: وأحب إلي أن يبتدئ بتكبيرة أخرى، ولو صلى بذلك التكبير أجزأ عنه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة لا اختلاف فيها؛ لأنه إذا أدرك الإمام في التشهد فإنه يحرم على أن يصلي أربعا؛ لأنه قد علم أن الجمعة قد فاتته، واستحبابه أن يبتدئ بتكبيرة أخرى هو مثل استحبابه في المدونة لمن دخل مع الإمام في التشهد الأخير أن يقوم بتكبير، وخلاف أصله فيمن أدرك من صلاة الإمام ركعة أو فاتته منها ركعة في غير المغرب أنه يقوم بغير تكبير.
ومن الناس من ذهب إلى أن يفرق بين الموضعين، وليس بصحيح. وأما مسألة الاختلاف لو أدرك الإمام وقد رفع رأسه من الركوع فأحرم معه وهو يظن أنه في الركعة الأولى فإذا هو في الركعة الثانية، فقال مالك في كتاب ابن المواز: إنه يبني على إحرامه مع الإمام أربعا، واستحب أن يجدد إحراما آخر بعد سلام الإمام من غير أن يقطع. ويأتي على قول