مسألة وسئل مالك عن المجلود في الخمر والفرية أترى أن يحلقوا؟ قال: لا، وأنا أكرهه قيل له: ربما كان الرجل الماجن الخبيث يراد أن يكسر بذلك ويزجر؟ قال: ينبغي أن يتبع الذين مضوا بقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}[التوبة: ١٠٠] ولم أسمع أحدا منهم رأى أن يحلقوا، وإنما هذه عقوبات وعذاب أحدثها الحجاج، ومثله، قيل له: أترى أن يطاف بهم وبشراب الخمر؟ قال إذا كان فاسقا مدمنا فأرى أن يطاف بهم وتعلن أمورهم ويفضحون.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة لا إشكال في صحة مذهب مالك فيها؛ لأن الذي أنكره من حلق الشعر في العقوبة على من بلغه عنه أنه الحجاج وشبهه قد أنكره ابن عباس على من بلغه عنه ذلك من أهل وقته، فروي عنه أنه كان يقول: إن الله جعل حلق الشعر نسكا وتجعلونه أنتم عقوبة، وإنما كان يقول ذلك والله تعالى أعلم لما وقع في مصنف عبد الرزاق عن ابن عمر قال: شرب أخي عبد الرحمن بن عمر وأبو سروعة عقبة بن الحرث وهما بمصر في خلافة عمر فسكرا فلما صحا انطلقا إلى عمرو بن العاص وهو أمير مصر فقالا: طهرنا، فإنا قد سكرنا من شراب شربناه، قال عبد الله فذكر لي أخي أنه سكر، فقلت ادخل الدار أطهرك، قال: ولم أعلم أنهما أتيا عمرا فأخبرني أنه قد أخبر الأمير، فقال لا تحلق اليوم على رؤوس الناس، ادخل الدار أحلقك، فدخل الدار قال عبد الله: فحلقت لأخي