قال محمد بن رشد: قوله: فتاجر لهما فيها أبوهما، معناه: فصارت بربحها أكثر من عشر دنانير وقوله: أفترى أن يكتب لهما بذلك كتابا أو يكتبها لهما في وصية، معناه: أفترى أن يكتب لهما بذلك كتابا يدفعه إليهما تكون وثيقة بأيديهما أو يجتزئ في ذلك بأن يكتب ذلك لهما في وصية علي سبيل الإقرار لهما بالدين، لا على سبيل العطية والوصية؟ فرأى الأحسن الأمر أن يكتب لهما بذلك كتابا يكون بأيديهما وثيقة لهما، يقومان في حياته إذا بلغا إن شاء؛ لأنه إن كتب ذلك لهما في وصيته، وأشهد عليها وأبقاها عند نفسه، كان آمنا من أن يقوما عليه في ذلك في حياته، فيضعف إقراره لهما بذلك، إذ قد قيل: إن من أقر لوارثه بدين في صحته، فلم يقم به عليه حتى مات: إنه باطل؛ لأنه يتهم أن يكون أقر له بدين يأخذه بعد موته من رأس ماله، وحكم لإقراره لهما بالدين عند إرادته السفر، بحكم الصحة. وقد اختلف في ذلك. حكم له ابن القاسم في رسم نذر سنة من سماعه من كتاب الوصايا بحكم المرض، وروى ذلك عن مالك، وخالفه أصبغ فحكم به بحكم الصحة، ورواه عن ابن وهب: ولابن القاسم مثل ذلك في سماع عبد الملك من كتاب الوصايا فعلى القول بأنه يحكم للسفر بحكم المرض، إن كتب لها بذلك كتابا فمات في سفره ذلك لم يكن لهما شيء مما كتبه لهما. وبالله التوفيق.
[مسألة: إطعام الطعام أهو أفضل أم الصدقة]
مسألة وسئل مالك عن إطعام الطعام أهو أفضل، أم الصدقة بالدراهم؟ فقال: كل ذلك حسن، ولم أره يفضل أحدهما على صاحبه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال إنه لا يفضل أحدهما على صاحبه في الجملة، إذ قد يكون كل واحد منهما أفضل من صاحبه، باختلاف أحوال الأعيان والأزمان، فإذا علم أن الرجل غير محتاج إلى الطعام ومحتاج