المسلمون عن أن ينفق فيها مال نصرانية إنما قصدت أن تنسب إليهم ما يغض منهم من الاستعانة بمالها فيما يلزمهم القيام به من أمر قبلتهم التي يأتمون بها ويحجون إليها، فلا تنعم بذلك عينا، وبالله التوفيق.
[الرجل يقف بعرفة ثم يمضي على وجهه إلى بلاده أيرجع متجردا]
ومن كتاب العرية قال: وسألت: عن الرجل يقف بعرفة ثم يمضي على وجهه إلى بلاده، أيرجع متجردا أم يلبس الثياب؟ قال: بل يلبس الثياب، وكذلك يرجع؛ لأنه قد فاته الرمي. قلت: فكم من دم عليه إذا رجع؟ قال: لا أرى عليه إلا دما واحدا بدنة أو بقرة.
قال محمد بن رشد: إنما قال: إنه لا يرجع متجردا وعليه الثياب؛ لأن رمي الجمرة من سنن الحج ومشاعره، وليست من فرائضه على المشهور في المذهب. فإذا ترك الجمرة حتى خرج وقت رميها جبر ذلك بالدم، وكان في حكم من رمى فحل له لبس الثياب والطيب، لقول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يطوف بالبيت، يريد: والصيد. وقد روى الواقدي عن مالك فيمن ترك رمي جمرة العقبة حتى صدر من منى: إن كان قد رمى غيرها من الجمار في أيام منى - أن عليه حج قابل؛ لحديث عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: من رمى الجمرة فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب. وإنما قال: إنه يجزيه دم واحد لكل ما ترك من الوقوف بالمشعر الحرام والرمي بمنى والمبيت بها قياسا على من فاته الحج أنه يهدي هديا واحدا إذا أحل بعمرة لما فاته من الحج، وهو قد فاته عمل الحج كله، فأجزأ عنه هدي واحد. وقال أشهب: عليه ثلاث هدايا: هدي لترك مزدلفة، وهدي لترك رمي الجمار، وهدي لترك المبيت بمنى ليالي منى، وهو أقيس، والله أعلم بالصواب وبه التوفيق.