عن الإذن قبل أن تأتي، فقال لها: لا تأتي، فأتت على الإذن المتقدم، فقال أولا: إنه يحنث، وأن رجوعه عنه يسقطه، ثم قال: إنه ليأخذ بقلبي أنه إذن يريد أنه إذن لا يسقطه رجوعه عنه. وجه القول الأول مراعاة المعنى دون اللفظ؛ لأن المعنى في يمين الحالف بمثل هذا على زوجته ألا تعصي قوله، وتخالف أمره. ووجه القول الثاني مراعاة اللفظ دون المعنى؛ لأنه إذا حلف عليها ألا ترجع حتى يأذن لها، فأذن لها أن تأتيه، ثم نهاها عن الإتيان، كان لها أن تأتيه ولا يحنث؛ لأنه ما أتته إلا بعد أن أذن لها. وقوله: ليس يطلق الرجل بقلبه، ولا ينكح الرجل بقلبه، ظاهره خلاف ما في سماع أشهب من كتاب الأيمان بالطلاق، فيمن أجمع في نفسه على طلاق امرأته، حتى يكون قد طلقها بقلبه، ولم ينطق بذلك لسانه: أنها طالق، وعلى ذلك كان الشيوخ يحملونه. والصواب أن ذلك ليس بخلاف له، وأن معنى قوله ليس يطلق الرجل بقلبه، ولا ينكح الرجل بقلبه، أي ليس من شأن الناس وعادتهم أن يفعلوا ذلك، إذ لا تأثير له في الحكم الظاهر، وهو مثل قوله في مسألة سماع أشهب من كتاب الأيمان بالطلاق، وما هذا بوجه الطلاق؛ لأن الصحيح أن من أجمع على الطلاق بقلبه في نفسه، على أنه قد طلق امرأته، وقال في قلبه: إنها طالق، فهي طالق، فيما بينه وبين الله في الباطن، وإن أبدى ذلك لها بكلامه، أو بكتابة، أو بإشارة يفهم بها ما في نفسه، حكمنا عليه بذلك؛ لأن الكلام والكتاب إنما هو عبارة عما في النفس من ذلك، والحمد لله.
[مسألة: قال لامرأته وهو يلاعبها أمرك بيدك]
مسألة وسئل عمن قال لامرأته وهو يلاعبها: أمرك بيدك، فقالت: قد تركتك، أو ودعتك، فقال الرجل: لم أرد طلاقا، وما قلت ذلك إلا لاعبا، وقالت المرأة مثل ذلك، فقال: أرى أن يحلف ما أراد إلا واحدة، وتكون عنده على ما بقي من الطلاق في مسألتهم شبهة، وما هي بالنية. قيل له: أفترى على الرجل حرجا أن يحلف أنه أراد واحدة، والله يعلم أنه لم يرد شيئا؟ فقال: لا بد له من هذا، فكيف