قال محمد بن رشد: لما عم الشهور بقوله كل شهر، احتمل أن يريد حياة السيد، فيكون قوله وصية له بالعتق على هذا الشرط، وأن يريد حياة العبد؛ فلا يصح بذلك عتق، لأنه إنما أعتقه بعد موته؛ وعلى هذا حمل سحنون قوله، ولذلك قال: إنه عبد؛ والذي يأتي على أصولهم في هذه المسألة أن يسأل السيد ما أراد بذلك فيوقف عند قوله فيه، فإن لم يسأل حتى مات، لم يكن له وصية بعتق، لأن الوصايا لا تكون بالشك، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لجارية له إن ولدت غلاما فأنت حرة]
مسألة وسئل عن رجل قال لجارية له: إن ولدت غلاما فأنت حرة، وإن ولدت جارية فأختك حرة، فولدت غلاما وجارية، قال: إن كان ولد الغلام أولا، فالأم حرة، وابنتها؛ وإن كانت الجارية أولا، فالأخت حرة، وإن لم يعلم أيهما ولد قبل، فالأم والأخت حرة، لأنا قد علمنا أن العتق قد وقع على واحد منهما، واعتقنا الابنة أيضا بالشك.
قال محمد بن رشد: قوله إن كان ولد الغلام قبل فالأم حرة وبنتها صحيح، لأنها عتقت بولادتها الغلام وهي حامل بالابنة، فوجب لها العتق بعتق أمها، إذ لا تلد حرة مملوكة، لقول النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل ذات رحم، فولدها بمنزلتها» . فلا يخرج من رحم الحرة إلا حر، وقد يخرج من رحم الأمة حر- يريد وتعتق الأخت أيضا بولادتها الابنة بعد الابن، وقوله: وإن كانت الجارية أولا فالأخت حرة- يريد وهي أيضا حرة بولادتها الابن