بدر من المشركين:{قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}[الأعراف: ٤٤] قالوا: يا رسول الله، إنهم أموات أفيسمعون، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنهم ليسمعون ما أقول» .
قال محمد بن رشد: وقد روي أنه قال: «ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون» ، ومن هذا المعنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الميت إذا دفن وانصرف الناس عنه:«إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين» ، وقد قيل: المعنى في ذلك أنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول لهم حقا، لا أنهم يسمعون ما يقال لهم؛ لأن الله عز وجل قال:{إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: ٨٠] ، وقال:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر: ٢٢] ، وهو قول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، والأظهر أن يحمل الحديث على ظاهره من أنهم سمعوا ما قاله لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إذ قد علم بتظاهر الآثار أن الميت إذا مات يعاد إليه الروح ويفتن في قبره بمسائلة منكر ونكير، ويعرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة، وقد قيل: إن الآيات المذكورات إنما وردت في الكفار على المثل بأنهم لا ينتفعون بما يسمعونه كما لا ينتفع الموتى بما يسمعونه.