ومسح على الجبائر، فلما صلى ركعة أو ركعتين سقطت الجبائر، قال: يعيدها ويمسح عليها، ويبتدئ الصلاة.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن المسح على الجبيرة ناب عن غسل ذلك الموضع أو المسح عليه في الوضوء أو التيمم، فإذا سقطت في الصلاة انتقضت طهارة ذلك الموضع، فلم يصح له التمادي على صلاته، إذ لا تصح الصلاة إلا بطهارة كاملة، ولم يجز له أيضا أن يرجع إلى صلاته، ويبني على ما مضى منها بعد أن يعيد الجبائر، ويمسح عليها، كما لا يجوز البناء في الحدث بخلاف الرعاف، وهذا ما لا أعلم فيه في المذهب اختلافا. وإنما يصح له أن يعيد الجبائر، ويمسح عليها إذا فعل ذلك بالقرب، فإن لم يفعل ذلك حتى طال الأمر استأنف الوضوء أو التيمم من أوله، وبالله التوفيق.
[مسألة: حد الوجه في الوضوء]
مسألة قلت لسحنون: ما حد الوجه عندك الذي إذا قصر منه المتوضئ وجبت عليه الإعادة؟ فقال لي دور الوجه كله، فقلت فاللحى الأسفل من ذلك والذقن؟ قال: نعم، فأخبرته بقول من يقول: إن الوجه بياض الوجه وليس اللحى الأسفل من الوجه، وكذلك هو من المرأة، وحجته أن مالكا قال في اللحى الأسفل موضحة، فقال لي: أخطأ من يقول هذا، وقد قال مالك: إن الأنف ليس من الوجه ولا موضحة فيه، وإنما هو عظم منفرد، ولو أن متوضئا ترك غسل أنفه وصلى وجبت عليه الإعادة، ولكان ناقصا من وضوئه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الوجه مأخوذ من المواجهة، فاللحى الأسفل والأعلى في وجوب الغسل في الوضوء سواء، وكذلك الذقن، وليس عليه أن يغسل ما تحته، وهذا ما لا أعلم فيه اختلافا.