عليه من الدين حتى يثبت عدمه، اللهم إلا أن تكون الشهادتان بعد أن أطلق من السجن بما بان من عدمه؛ لأن شهادة الملأ هنا هي التي توجب الحكم برده إلى السجن، وشهادة العدم لا توجب إلا بقاءه على حكم الأصل الذي به وجب تسريحه من السجن.
ولو قال الشهود بملائه إنهم يعلمون له مالا باطنا أخفاه لما صح أن يختلف في أن شهادتهم أعمل من شهادة من شهد بعدمه، وبالله التوفيق.
[مسألة: المقارض إذا تداين في القراض بإذن رب المال]
مسألة وسئل: عن رجل أفلس وضرب على يده ولم يكن له مال فأتاه رجل من الناس فأعطاه مالا قراضا وهو يعلم بإفلاسه، فداين به الناس حتى فلس، ثم أراد الذي أعطاه المال أن يأخذ ماله، لم يكن ذلك له؛ لأن الناس إنما داينوه لما في يديه ولم يداينوه في ذمته، فالغرماء أولى بماله.
فإن فضل فضل كان له إلا أن يتعدى المقارض في المال بشيء، مثل أن يسلف أو يخالف إلى ما نهاه عنه، فكل ما تعدى فيه كان ضامنا له، بمنزلة ما لو أسلفه إياه فيكون في ذمته، فكذلك ما تعدى فيه.
قال ابن القاسم: كذلك قال لي مالك لا ينبغي أن يداين في القراض، فإن أدان فيه فهم أولى به.
قال: ولا يحل القراض على أن يقول داين، وإن كان تعدى وماله معروف في الذي تعدى فيه ببينة أو إقرار فهو أحق به من الغرماء.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة صحيحة لا إشكال فيها أن المقارض إذا تداين في القراض بإذن رب المال فالغرماء أولى بالمال منه حتى يستوفوا ديونهم، وإذا تداين فيه بغير إذن رب المال وقد علموا أنه مال قراض فرب المال أولى بماله من الغرماء.
وكذلك إذا أسلف منه أو تعدى ما أمره به فهو أحق بماله في جميع ذلك، ولا يجوز على رب المال