ومعه عمر فأصابهما في الطريق مطر ورعد وصواعق، قال: فشد سليمان على وسط راحلته، أو القربوس وطأطأ عليه بصدره، فلما تجلى ذلك قال لعمر: هذا الملك لا ما نحن فيه، فقال عمر له: هذا في رحمته فكيف في غضبه.
قال محمد بن رشد: إنما قال عمر بن عبد العزيز هذا في رحمته؛ لأن المطر رحمة من الله لعباده، قال الله عز وجل:{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}[الروم: ٤٨] إلى قوله: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الروم: ٥٠] . وقال عز وجل:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}[الحجر: ٢٢] وقد «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا تحبلت السماء تغير وجهه وأقبل وأدبر ودخل وخرج، فإذا أمطرت سري عنه، قالت عائشة: فسألته فقال: لعله كما قال قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤] » الآية، وبالله التوفيق.
[ما رغب فيه زياد مولى ابن عباس لمالك]
فيما رغب فيه زياد مولى ابن عباس
لمالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال مالك: كان زياد مولى ابن عباس يمر بي وأنا جالس، فربما أفزعني حسه خلفي، فيضع يده بين كتفي فيقول: عليك بالجد، فإن كان ما يقول أصحابك هؤلاء من الرخص حقا لم