قال محمد بن رشد: قوله في اشتراط تأخير البناء خمسة أعوام، إن الشرط باطل والنكاح ثابت جائز صحيح، على مذهب مالك في أن الشروط التي لا تفسد النكاح لا تلزم إذا لم تكن مقيدة بتمليك أو طلاق، حسبما مضى في رسم الطلاق الثلاث من سماع أشهب. وما حكى أصبغ عن مالك أنه يلزم الشرط إن كان لصغر أو طعون، معناه في السنة ونحوها، كذلك وقع له في المدونة. ويريد بالصغر، الذي قد يمكن معه الوطء، وأما إن كانت في سن من لا يوطأ مثلها، فمن حق أهلها أن يمنعوه من البناء بها حتى تدرك وتطيق الرجال، وإن لم يشترطوا ذلك، كذلك في المدونة. ولما كان البناء قد يحكم بتأخيره إذا دعت إليه الزوجة، وإن لم يكن في ذلك شرط، حسب ما مضى في رسم الطلاق الأول من سماع أشهب، ألزم مالك الشرط فيما قرب من المدة وهي السنة؛ لأنها حد في أنواع كثيرة من العلم، من ذلك العنّين يؤجل سنة، والجراح يتربص سنة، والعهدة في الجنون والجذام والبرص سنة، وأشباه هذا كثير. وبالله التوفيق. وقول أصبغ: وما ذلك بالقوي إذا احتملت الدخول بالرجال والوطء، يريد أنه ليس على حقيقة القياس، وإنما هو استحسان وبالله التوفيق.
[مسألة: نكح فلما فرغ من العقدة استكتم الشهود]
مسألة قال أصبغ: سألت أشهب عمن نكح، فلما فرغ من العقدة استكتم الشهود. قال: إن لم تكن تلك نيته، وعليه نكح. يعني بالضمير فلا بأس به.
قلت: فإن كان على ذلك نكح وهو نيته. أيفارق؟ قال: نعم يفارق. قال أصبغ: محمول قوله ضميره هو، ولست أرى ذلك يُفسد النكاح إن لم يكن إلا ضميره في نفسه؛ لأنه ينكح وضميره الفراق، فلا يكون بذلك بأس. ولكن إن كان بذلك الضمير،