تحقيق مواطأة بينه وبين المرأة والأولياء، وعلى وجه مأخذ النكاح بالاستتار منهم، فهو الفاسد. وهو من وجه نكاح المتعة، وهو الذي يفارق كما قال ولا يقيم عليه.
قال محمد بن رشد: ذهب أبو إسحاق التونسي إلى تصحيح قول أصبغ، وتصويب اعتراضه على أشهب. فقال: أما ضميره هو وحده فلا يضر ذلك النكاح؛ لأن الفساد إذا كان من جهة واحدة لا يضر النكاح. وقول أشهب يفارق، فيه ضعف، إلا أن يكون عنده أن فساد العقد إذا كان من جهة أحد المتعاقدين، يفسد فيلزم عليه لو تزوجها بحر أو بعبد اغتصبه، ولم تعلم أن النكاح فاسد. وإن كان سحنون قد قاله في الذي تزوج بالحر ولم يقبله في الذي تزوج بالعبد المغصوب، وليس عندي بصحيح؛ لأن أشهب لم يقل: إن النكاح يفسد بضميره هو، ولا أن النكاح يفسخ بذلك كما تأوله عليه أصبغ، وإنما رأى له أن يفارق امرأته استحسانا من غير إيجاب يُحكم عليه به، لكون الفساد من جهته خاصة بإقراره على نفسه أنه نوى قبل العقد الكتمان للذي ظهر منه بعد العقد. وقوله صحيح؛ لأن الفساد لما لم يوجد إلا من جهته لم يصح أن يحكم بالفراق؛ لأن ذلك حكم على الزوجة بفساد لم يثبت، ولا أقرت به. ووجب لما كان الزوج مالكا للطلاق أن يؤمر بالفراق، لإقراره على نفسه بالفساد؛ لأنه نوى نية فاسدة، صدّقها بفعله، فوجب أن يكون لها تأثير في حقه الذي يملكه من الطلاق. ولو كانت الزوجة والأولياء هم الذين نووا الكتمان قبل العقد، واستكتموا الشهود بعده دون الزوج، لم يكن لذلك تأثير، إذ ليست المرأة مالكة للطلاق. وما حكى أبو إسحاق التونسي عن سحنون، من تزوج بحر لم تعلم به المرأة، فنكاحه فاسد، وهو خلاف ما مضى من قوله في رسم العشور، من سماع عيسى، مثل قول ابن الماجشون. وقد مضى القول على ذلك هنالك وبالله التوفيق.