أهل الحضر ولم يكونا من أهل البادية؛ لأن البدوي لا يعدل الحضري، وهو الذي سألت عنه من العدالة على العدالة، قيل له: فالتجريح أتجوز فيه الشهادة على ما وصفت لك في العدالة في غيبة الشهود أو مرضهم، فقال: نعم ذلك جائز.
قال محمد بن رشد: في الواضحة لمطرف وابن الماجشون خلاف قول سحنون هذا في أن الشهادة على الشهادة جائزة في التعديل والتجريح، وذلك أنهما قالا: إن العدالة لا تكون في الشاهد إلا عند السلطان من بعد أن يشهد في الحين الذي يقطع بشهادته، فأما أن يسترعي الرجل تعديله الرجل ويشهد على ذلك منه كما يفعل في الشهادة تكون عنده إذا أراد أن يشهد عليها أو يكون الشاهد يحمل شهادته لا يعرفه بالعدالة ولا بغيرها فيعدله عنده من يثق به؛ فهذا الذي لا يجوز ولا علمنا أحدا قاله ولا عمل به إلا أن يشهد شاهد على شهادة شاهد غائب أو ميت فيخبر بعلمه بعدالته مع شهادته على شهادته بالحق الذي أشهد به عليه، ولو أن شاهدا شهد عند حاكم فاستعدله فكان رجل مريض يعدله لا يستطيع بمرضه أن يبلغ إلى القاضي فأراد أن يبعث إلى القاضي تعديله إياه مع رجلين عدلين يشهدهما على أنه عدل فذلك جائز؛ لأن الشهادة قد وقعت عند الحاكم، والعدالة ههنا إنما هي عند القطع بالشهادة، وقال به أصبغ واستحسنه، وقد ذكر ابن سحنون أن أباه رجع عن الشهادة على الشهادة في العدالة والتجريح إلا في تعديل البدوي فذلك جائز، وما رجع إليه سحنون وقاله مطرف وابن الماجشون في الواضحة هو الصواب إن شاء الله؛ لأن التعديل لا يكون إلا بعد الشهادة، ولو جاز قبل الشهادة لجازت شهادة غير العدل؛ لأن الناس قد تتغير أحوالهم فإنما يعولون عند الشهادة، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهد هذان الرجلان وهذان الرجلان لرجلين بحقوق مختلفة وزكى هؤلاء هؤلاء]
مسألة وسئل سحنون: عن الرجل يأتي بشهيدين على رجل بحق ثم يأتي بشاهدين آخرين يشهدان له أيضا بذلك الحق على الرجل