قال محمد بن رشد: إنه إنما قال إنه لا شيء عليه لأن الأكل ناسيا لا يخرجه عن أن يكون صائما، بخلاف ما لو أصبح مفطرا ناسيا، وقد قال ابن دحون: إنها مسألة حائلة، والحنث يلزمه على أصولهم فيمن حلف ألا يفعل شيئا ففعله ناسيا، وليس ذلك بصحيح؛ لأن أكثر أهل العلم لا يوجبون القضاء على من أفطر في رمضان ناسيا للحديث الوارد في ذلك، وقد مضت هذه المسألة والقول فيها في سماع عيسى من كتاب الصيام ومن كتاب النذور وتأتي في سماع أبي زيد من هذا الكتاب.
[مسألة: حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها إلا كفؤا]
مسألة وقال في رجل حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها إلا كفؤا، فاشترى جارية فاعتقها ثم تزوجها وهو ناس ليمينه وهو في نيته من الموالي: إنه إن كان أراد الكفؤ في الحسب ولم يرد الكفؤ في الدين فهو حانث لأن مولى الرجل الذي يعتق ليس كفؤا.
قال محمد بن رشد: هذا بين أنه إن أراد الكفؤ في الحسب، ولم يرد الكفؤ في الدين أنه حانث وإن أراد الكفؤ في الدين فلا حنث عليه إن كانت كفؤا له في الدين، وإن لم تكن له نية ولا كان ليمينه بساط تحمل عليه لوجب أن تحمل يمينه على الكفاءة في الدين لقول الله عز وجل:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣] ، وهو قول عمر بن الخطاب: كرم المؤمن تقواه ودينه حسبه، وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، الإنسان مؤمن تقي أو فاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب» ، وقال:«ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو عمل صالح» . وروي «أن أبا الدرداء توفي له أخ من أبيه وترك أخا له