بين في المعنى من تفرقته بين أن يحلف ألا يحبسها، أو ليردنها إلا أن يغلبه أمر لا يملكه، وإنما لم ير قوله: إلا أن يغلبني أمر لا أملكه، ثنيا ينتفع بها؛ لأن المعنى عنده فيما حمل عليه استثناؤه أنه أراد به إلا أن يغلبني من هواي في أن لا أردها إليك بما يظهر إلي من الرشد في ذلك ما لا أملك دفعه عن نفسي، فلم ينتفع بذلك إذ هو قادر على مخالفة هواه، كمن حلف ليضربن عبده إلا أن لا يقدر أن يخالف هواه، في أن لا يضربه، ثم لم يضربه، فهو حانث. ولو استثنى فقال: إلا أن أرى خيرا من ذلك، أو: إلا أن يغلبني أحد على ذلك، وما أشبه ذلك، لنفعه استثناؤه، ولم يتكلم على منع الزوج إياها من الرجوع بقوله لها: لا أتركك؛ إذ قد تركها، ولو لم يتركها لحنث بما حلف به في الشرط الذي شرط لها ألا يخرج بها على ما مضى في رسم الشجرة من اختلاف في ذلك، وبالله التوفيق.
[امرأة تزوجت على وجه الغلبة فأراد صاحبها التحلل منها]
ومن كتاب أوله يسلف في المتاع والحيوان المضمون وقال مالك في امرأة تزوجت على وجه الغلبة، فأراد صاحبها التحلل منها، قال مالك: أرى ذلك نكاحا غير جائز، وأرى لها ألا تزوج حتى يستبرئ رحمها من ذلك الماء بثلاث حيض.
قال محمد بن رشد: قوله: أرى ذلك نكاحا غير جائز؛ أي غير لازم ولا منعقد، إذ لا ينعقد النكاح إلا برضا المتناكحين كما لا ينعقد البيع إلا برضى المتبايعين، فالواجب عليه أن يفارقها بغير طلاق، ثم لا يتزوج حتى يستبرئ من مائه من ثلاث حيض لأن استبراء الحرائر بثلاث حيض.
[الرجل يزوج المرأة ويشترط على زوجها أن ينفق على ابن لها صغير]
ومن كتاب أوله تأخير صلاة العشاء في الحرس وسئل مالك عن الرجل يزوج المرأة ويشترط على زوجها أن ينفق على ابن لها صغير، قال: ليس هذا من عمل الناس، فقيل لمالك: فيشترط لخدمها؟ قال: لا يشترط أن تنفق على رأس لا ولد