يملك من الأرضين. وقد وقع في كتاب ابن حبيب ما يدل على إجازة الجعل على حفر البئر فيما يملك من الأرضين. والثاني: الغرر المقصود إليه فيه؛ لأن معناه إن حفرت لي ما وجدت من تراب في هذه الخمسة آلاف ذراع فلك كذا وكذا، وذلك ما لا يجوز في الجعل. وقد يحتمل أن يكون ابن القاسم وسحنون حملا المسألة على هذا، ولذلك قالا: إن له أجرة مثله. ولولا تأويل ابن القاسم على مالك؛ لكان الأظهر من قوله قد دخلتما في أمر لا خير فيه أن العقد فاسد، ويكون للعامل أجرة مثله في شق الصفا، وفي سائر عمله، ويرد جميع الأجرة إن كان قبضها، وتسقط عنه إن كان لم يقبضها؛ لأنه إنما تكلم على ما يجب للعامل في شق الصفا وسكت عن تمام الحكم في المسألة، إلا أن ابن القاسم أحق بتبيين إرادة مالك في المسألة لمشافهته إياه فيها، وقد بينا وجه قوله على ما فهم ابن القاسم من إرادته، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول للرجل احفر لي هاهنا بئرا حتى أدرك الماء ولك كذا وكذا]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يقول للرجل: احفر لي هاهنا بئرا حتى أدرك الماء، ولك كذا وكذا، فيعمل فيها ما شاء الله، ثم يبدو له فيترك العمل، ثم يستأجر عليه صاحب البئر آخر، أترى للأول شيئا فيما عمل؟ قال: إن انتفع الآخر بها حتى يخرج الماء رأيت أن يعطى في ذلك. فقيل له: ما الذي يعطى في ذلك؟ قال: على قدر ما يرى مما انتفع به، يجتهد في ذلك، وليس لذلك حد؛ رب أرض شديدة تكون حجرا، وأخرى رخوة فيكون ربما يحفر الحجر أولا، والذي احتفر يعد ذلك رخوة، أو يكون حفر رخوا والذي حفر بعده حجرا، فإنما يعطى في ذلك على قدر ما انتفع به فيما يجتهد له من ذلك