أولياؤه أن يزيدوه كفنا على ثيابه، فقال: ما أرى به بأسا يفعلون - إن شاءوا.
قال محمد بن رشد: قوله في تكفين من عراه العدو من الشهداء أن ذلك حسن، لفظ فيه تجاوز وتسامح، بل ذلك لازم لا رخصة في تركه. ومما يدل على ذلك: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كفن الشهداء يوم أحد اثنين في ثوب، فلو كان ترك تكفينهم واسعا، لما جمع منهم اثنين في ثوب، ولكفن من وجد ما يكفنه فيه وترك من لم يجد - والله أعلم؛ وأما الزيادة على ثيابه - إذا كان فيها ما يجزئه، فلا بأس به كما قال، إذ إنما الكراهية في أن ينزع عنهم ثيابهم، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زملوهم بثيابهم» .
[مسألة: العلة في ترك الصلاة على الشهيد]
مسألة قيل: من أي وجه تركت الصلاة على الشهيد؟ فقال: هي السنة، من فعل رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قال محمد بن رشد: وإن كانت هي السنة، فلا يمتنع أن تعلل السنن إذا وجد لها علة، والعلة في ترك الصلاة على الشهيد، أن الصلاة على الميت شفاعة له، ولا يشفع إلا للمذنبين؛ والشهداء قد غفرت ذنوبهم، وصاروا إلى كرامة الله ورحمته وجنته أجمعين، فارتفعت حالهم عن أن يصلى عليهم، كما يصلى على سائر موتى المسلمين - والحمد لله رب العالمين؛ ولهذا لم يصل على النبي، - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وإنما كان الناس يدخلون عليه أفواجا فيدعون وينصرفون. وقد روي عن ابن وهب: أنه قال: كيف يصلى على